Categories
السعودية عكاظ

السعودية – طالبان تتغير.. أم لا تتغير ؟ السؤال الكبير

رغم أن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على تجربة طالبان الجديدة في حكم أفغانستان، كون المجتمع الدولي سيحكم على طالبان التي أحكمت سيطرتها على أفغانستان دون إراقة دماء، من خلال أفعالها وليس أقوالها، فالواضح حتى الآن هو أن الحركة قد استفادت من تجربتها السابقة، وتسعى للتواصل مع المجتمع الدولي على الجبهة الخارجية وإرسال رسائل إيجابية بلغة دبلوماسية لم نتعودها من قادتها في السابق، فضلا عن طمأنة الأفغان أنفسهم على الجبهة الداخلية.وحتى الآن فإن الإستراتيجية التي قرأها الخبراء من خلال تصريحات قادة الحركة أنها ترغب في تغيير الصورة التي رسمتها طالبان طوال العقود الماضية كحركة إرهابية، ويظهر ذلك من تفادي مقاتلي الحركة الدخول في حرب للسيطرة على المدن كون هذا الخيار كان متاحا لها إلى جانب تأمين البعثات الدبلوماسية في كابل وأنها لن تقوم بأعمال نهب أو تقدم على قتل موظفي الحكومة ومسؤوليها من عسكريين ومدنيين، إضافة إلى تأكيدها ضمان سلامة وأمن السفارات والبعثات الدولية والجمعيات الخيرية التي سيسمح لها بمواصلة عملها دون قلق، فضلا عن «الترحيب الشعبي» بعودتها إلى الحكم. وهنا يتساءل مراقبون فيما إذا كانت طالبان ستكون قادرة على حكم شعب قد شهد كل تلك التغيرات التحررية الجذرية وأصبحوا منفتحين على العالم ولن يرضوا بفرض أسلوب حياة متشدد كما حدث في الماضي، خصوصا أن المجتمع الأفغاني بات يؤمن بالتعددية ويرفض احتكار السلطة.. ورغم أن الحركة خففت خطابها بشأن وضع المرأة، إلا أن المرحلة ستكشف طبيعة إعادة تموضع الحركة والتعديل الجذري في أفكارها ومعتقداتها. وبعد سيطرة طالبان على معظم أراضي أفغانستان، بدت ملامح الحياة التي كانت تتشكل على مدار العقدين الماضيين تتبخر ومعها أحلام الكثير من النساء الأفغانيات اللواتي بات يهددهن ستار البرقع والحرمان من التعليم والعمل. وإذا عدنا إلى الماضي ففي خريف العام 1996، استولت طالبان على العاصمة كابل لتمارس حكما وحشيا، إذ حرمت النساء من معظم حقوقهن الرئيسية وحظرت الموسيقى وكافة أشكال الفنون الأخرى، وأجبرت الذكور على إطلاق لحاهم وعدم ارتداء الأزياء الغربية.

وكانت طالبان قد رفضت أي ضغوط عليها لطرد قادة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة ما أدى إلى تدخل أمريكي عقب هجمات 11 سبتمبر والإطاحة بها. ولا يمكن الجزم أن الأحداث الماضية كشفت عن تغيير في إستراتيجية حركة طالبان، وتعاملها داخليا وخارجيا، عما كانت عليه الحركة قبل عشرين عاما، إلا أن بعض الخبراء يرون غير ذلك بزعمهم أن حركة طالبان تغيرت، وبدأت تتحلى بنوع من الواقعية السياسية. يبني الخبراء هذا الرأي على إدارة طالبان للصراع الحالي، بعدم الاعتماد على القوة المسلحة وتجنبها الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة كخيار أول، بل استخدام وجهاء وزعماء القبائل وشخصيات تاريخية في التفاوض والوساطة مع مسؤولي الحكومة والجيش في تلك المدن، ومن ثم تتم عملية تسليم السلطة بشكل سلمي ومنظم، فضلا عن تصريحات قادة الحركة بسعي طالبان لتجنب سفك دماء الأفغان، وعدم اتباع سياسة الانتقام أو الإعدامات على عكس ما فعلته عام 1996. مستقبل أفغانستان يبدو «ضبابيا» بشكل أكبر وأكبر، هناك شيء واحد أصبح واضحا للغاية، وهو أن الولايات المتحدة قد فشلت في محاولتها التي استمرت 20 عاما لإعادة بناء جيش أفغانستان وتحويله إلى قوة قتالية قوية ومستقلة، وهذا الفشل يحدث وقد أحكمت طالبان قبضتها على أفغانستان.