Categories
الإمارات البيان

الإمارات – 4 سيناريوهات ترسم مستقبل العلاقات الإماراتية – الأمريكية

أكدت الدكتورة إبتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، أنّ الأزمة الأوكرانية، وملف إمدادات الطاقة وأسعارها قد يمثّلان فرصةً حاليّةً لكلّ من دولة الإمارات والولايات المتحدة لإعادة تعريف العلاقات الاستراتيجية بينهما، والانتقال إلى إطار استراتيجي جديد يعمّق الشراكة الاستراتيجية والجيو-أمنية.

وأشارت الكتبي أن قراءة أبعاد هذه العلاقة يتجلى من خلال أربعة سيناريوهات لمستقبل العلاقات الإماراتية-الأمريكية: أولها، استمرار الوضع الراهن؛ ما يعني أنّ الخطوات التي اتخذتها إدارة بايدن بشأن طمأنة الإمارات إزاء التهديدات الإقليمية ليست كافية، وأنّ الرسائل الودّية بين الطرفين خلال الفترة الأخيرة لم تصبّ في سبيل التأسيس لمرحلة جديدة من التعاون المشترك، وثانيها، سيناريو توسيع الإطار الاستراتيجي للعلاقات بين الطرفين؛ ما يعني إعادة تعريف هذه العلاقات على نحو يأخذ في عين الاعتبار مصالح وأولويات كلٍّ منهما، ويتطلّب هذا السيناريو وجود تواصل مستمرّ بين حكومة الدولتَين على مستوى المؤسّسات، ويتضمّن بالضرورة قيام الولايات المتحدة بدورٍ حيوي في تعزيز القدرات العسكرية لدولة الإمارات، من خلال تزويدها بأنظمة إنذار مبكّر للتعامل مع التهديدات المحتمَلة بشكل مسبق، وتزويدها كذلك بأنواع متطورة من الطائرات المسيّرة، ومن المهم على نحو خاص إعادة تفعيل صفقة مقاتلات “إف-35”.

أمّا السيناريو الثالث، فينصرف إلى عقد معاهدة دفاعية بين الدولتَين، على غرار المعاهدات الدفاعية التي عقَدتها واشنطن مع دول عدة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومشكلة هذا السيناريو أنّه يتطلب موافقة ثلثَي أعضاء الكونغرس الأمريكي، وهذا الأمر قد لا يتوافر بسهولة في ظِلّ تقلب موازين القوى بين الديمقراطيين والجمهوريين، بينما يتمثّل السيناريو الرابع في إقامة مظلة دفاعية إقليمية، وثمّة حديث طويل في عدد من مراكز الدراسات الاستراتيجية حول هذه الفكرة التي تعود إلى عصر ترامب، ويعني هذا السيناريو تعاون إسرائيل مع حلفائها وحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط لبناء نظام دفاعي مشترك لمواجهة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وقد أعادت “الاتفاقيات الإبراهيمية” الحديث عن هذه الفكرة وعزّزتها، ولكن مشكلة هذا السيناريو أنّ واشنطن لديها بالفعل اتفاقيات دفاع ثنائية مع عدد من دول المنطقة. 

وأكدت الكتبي خلال محاضرة عقَدها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان “آفاق العلاقات الإماراتية-الأمريكية في ظِلّ بيئة استراتيجية جديدة”، ضمن سلسلة محاضرات "مفكرو الإمارات"،  أنّ أيّ قوى دولية أخرى لن تستطيع الحلول مكان واشنطن في توفير الضمانات الأمنية لدول الخليج العربية، ومشيرةً إلى أنّ دولة الإمارات تدرك قدراتها ودورها الحيوي على الساحتَين الإقليمية والدولية، وأنّ على الولايات المتحدة أن تُقرّ بتميز النموذج الإماراتي، ودور أبوظبي بصفتها لاعبًا إقليميًّا مهمًّا. 

3 عوامل

وأشارت الكتبي، في معرض تحليلها لواقع العلاقات الإماراتية-الأمريكية أنّ الحرب في أوكرانيا أبرزت حالة التوتر في هذه العلاقات، ولكن الحقيقة أنّ هناك عوامل متراكمة صنعتْ في مجملها مثل هذا التوتر في عهد الإدارة الأمريكية الحالية، ومن ذلك: أولًا، عدم اليقين بشأن استمرار التزام واشنطن بالأمن الإقليمي، ومواجهة تحدّيات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، التي تمثّلها الميليشيات المتحالفة مع إيران، وفي ظِلّ عودة محتمَلة للاتفاق النووي من دون ضمانات لمعالجة هذه التهديدات، وثانيًا، أنّ بعض البرود في العلاقات مرتبط بسياق سياسة الانتخابات الأمريكية في ضوء قرار الرئيس جو بايدن مناهضة نهج الرئيس السابق دونالد ترامب، وثالثًا، أنّ هناك تباينًا في الموقف والمصالح بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات إزاء العلاقات مع الصين وروسيا، وظهر ذلك في أزمة أوكرانيا، وملفّ الطاقة؛ كما ظهر في موضوع استخدام دولة الإمارات تقنيات اتصالات الجيل الخامس الصينية.

تشجيع الوساطة

وتحدّثت الكتبي، بشكل مفصّل عن موقف دولة الإمارات من الحرب الروسية-الأوكرانية، فقالت إنّ هذا الموقف تميّز بالعقلانية والواقعية، حيث إنّ الدولة حاولت منذ البداية تجنّب حالة الاستقطاب التي أفرزتها الحرب على الصعيد الدولي ما بين الولايات المتحدة وحلفائها من ناحية وروسيا وحلفائها من ناحية أخرى، كما أنّ الإمارات رفضت تسييس ملف الطاقة، وظلّت تدعو إلى تخفيف التوتر وتشجيع جهود الوساطة ودعم الحلول السلمية، وبقيت على تواصل دائم مع أطراف الأزمة كلّها، من أجل وضع نهاية لهذه الحرب، التي تمثّل تهديدًا كبيرًا لاستقرار العلاقات الدولية والتعاون الدولي المطلوب لمواجهة الكثير من المشكلات المعقّدة التي يعانيها العالم خلال المرحلة الحالية.

حوار استراتيجي

وأنهت الكتبي، محاضرتها بتأكيد أنّ هناك تطورات متسارعة في النظامَين الإقليمي والدولي، وهناك بيئة استراتيجية جديدة في المنطقة والعالم تفرض التوجّه نحو حوار استراتيجي عميق يعيد ضبط العلاقات الإماراتية-الأمريكية باتجاه تعزيزها وتوسيعها، والانتقال بها إلى حقبة جديدة تتوطّد فيها المصالح المشتركة، وتتعمّق الثقة المتبادلة، وتترسّخ الحوكمة، ويزيد التعاون الثنائي في مواجهة التهديدات المشتركة.