جنوب السودان قصة في بدايتها، تروي مراحل تشكيل دولة تزخر بإمكانات واعدة، وإمكانات ربما لم تظهر للعيان بعد، ولم يحن الأوان للكشف عنها لأن للقصة فصولاً أخرى، فهي عبارة عن قصة حديثة تسرد سطورها ما تزخر به هذه الدولة من إمكانيات لا حصر لها، بدءاً من المساحات المذهلة التي تمتد حتى مغرب الشمس، مروراً بمياه النيل الأبيض ووصولاً إلى مصادر الطاقة الهادرة لمركزها الحضري مما يجعلها أيقونة ثمينة.

تفاؤل وحرص

في جناحها الذي تشارك به في إكسبو دبي يبدو لكل شيء دلالة ومفاهيم، فاللون الأبيض الذي طغى على مساحات الجناح لم يكن وليد الصدفة أو مجرد عمل فني تتناسق وتتجانس فيه الألوان، بل هو يرمز للعديد من الدلالات لدى هذا الشعب الذي يتميز بنشاطه وحيويته، ورغبته في النهوض بوطنهم الذين ينتمون إليه ونقاء قلوبهم، وقد يجد الزائر ذلك التفاؤل والحرص على إبراز هذه الدولة على جدران الجناح، فالكتابات التي دونت عليه تنقل العقل في رحلة معرفية تتجول به بين الثقافة والفنون والطبيعة وحتى تفاصيل الطعام والرياضة، فهو يقدم رحلة افتراضية عبر الصور والمقاطع المرئية التي تنتشر في كل زاوية.

ثقافة مستقلة

تروي جنوب السودان كيف تمكنت من بناء هوية وثقافة مستقلة على الرغم من أنها دولة وليدة وما زالت تعمل على ترسيخ مؤسساتها الثقافية، كمركز نياكورون الثقافي، ونصب الزعيم الراحل جون قرنق في جوبا، وذلك من خلال على تطوير أمثلة حية تساعد على ازدهار المعالم التاريخية والثقافية في جميع أنحاء الدولة الشابة، وبالرغم من حداثة تاريخها إلا أن جنوب السودان تزخر بطاقات إبداعية لها تاريخ عريق، والفضل في ذلك يعود إلى مجموعات عرقية تتخذ من هذا البلد مركزاً لأعمالها، المتمثلة في الحرف اليدوية المصنوعة من الحديد والخشب في الزاندي واللوحات الزيتية والأكريليك المعاصر لفناني جنوب السودان.

مقومات اقتصادية

وإلى جانب ذلك يعكس جناحها ما تضمه البلاد من مقومات اقتصادية ومعالم سياحية وفعاليات وأنشطة تستهوي الزوار، والبداية مع مدينة جوبا التي تعد من أسرع المدن نمواً في أفريقيا، وهي البوابة التي تتيح التعرف على ما يجعل جنوب السودان علامة فارقة تمتزج فيه الثقافات والمأكولات والفرص الواعدة لتكوين مدينة متفردة بكل المقاييس، إلى جانب منحدرات النيل الأبيض الهادرة التي تعتبر مكاناً مثالياً للاستمتاع بممارسة رياضة التجديف بدءاً من نيمولي إلى العاصمة، ومشاهدة المصارعة الحرة بطريقة غير متوقعة، إذ تمارس لتعزيز السلام بين الجماعات العرقية المتنافسة التي تدخل في منافسة ودية لتجتمع حولها الأمة، وكذلك كرة السلة التي يعد لاعبوها من أفضل اللاعبين في العالم، إذ يستخدمون هذه الرياضة لنشر رسالة مفادها الفخر والمثابرة، ويتجلى ذلك في كل فرق الرجال والنساء، فضلاً عن فرق الشباب وفرق البارالمبية، وحرص شباب جنوب السودان على إعطاء زخم لإيصال صوت بلادهم إلى العالم، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك استخدام الرياضة لإبراز قصص السلام والصراع كجزء من برنامج اليونسكو للثقافة من أجل برنامج السلام واللاعنف.

روح الشباب

يغلب على شعب جنوب السودان روح الشباب، إذ يتميز الشعب بالحيوية والنشاط مما يحفزهم لإطلاق العنان لإمكاناتهم إلى آفاق أبعد من الخيال، كما يتميزون بأبرز وتنوع أشكال التعبير الثقافي لديهم كالأدب الشفهي الذي يستخدم كوسيلة للتعبير الإبداعي عن فولكلور وأساطير تاريخ شعب جنوب السودان وتقاليده.