في معرض «إكسبو 2020 دبي» لا حدود للحكايات، حيث تبدو فيه فضفاضة وملونة حيناً وساحرة أحياناً، وأنت تقرأ سطورها ستشعر لوهلة أنك تتقلب بين مدارس الفنون التشكيلية، وتتجول في كواليس الأفلام الساحرة، وتتنقل بين مقامات الموسيقى، لتعزف لحناً شجياً، يقتبس نوره من كثافة الثقافات الحاضرة في المكان، حيث تقرأ في صفحات كل واحدة منها سيرة الحضارات والإنسان، الذي تشعر به وبخطواته التي تركها على الأرض، ليبدو كما وصف الراحل محمود درويش بأن «أثر الفراشة لا يُرى.. أثر الفراشة لا يزول».

في ساحات «إكسبو 2020 دبي» أثر الإنسان لا يزول، هو حاضر بكل تفاصيله حتى وإن غاب عن الوجود، يتجسد ذلك في عديد الأعمال والمجسمات والمنحوتات التي تختلف في رؤاها، وانتماءاتها للمدارس الفنية، ذلك تتلمسه وأنت تعاين مجسم «مان» للفنانة أماندا باربر، الذي يرتفع عن الأرض مسافة 12 متراً، ذلك المجسم الذي يتخذ من اللون الأبيض رداء له، بدا مجهول الملامح، فلا عين ولا أنف ولا فم له، ولكنه برغم ذلك يحمل في داخله رمزية الإنسان الغارق في التفكير والتأمل، سعياً منه لفك ألغاز الحياة الواسعة والفضفاضة.. قد يبدو «مان» بالنسبة للمارين بحديقة الفرسان مجرد مجسم منفوخ، صنع من القماش، ولكن الفكرة ستتغير تماماً كلما أمعنت النظر فيه، حيث سترى فيه منحوتة «المفكر» التي أبدعها الفنان والنحات الفرنسي الراحل أوغوست رودان، الذي أضحى مع مرور الوقت نحاتاً معروفاً ومعترفاً به على نطاق العالم أجمع.

لم تغادر منحوتة «المفكر» الأرض الفرنسية، فلا تزال هناك، بينما حضر إلى «إكسبو» ظلها وفكرتها المبنية على قواعد المدرسة الانطباعية، التي كان أوغوست ينتمي لها، هي على عكس تمثال «ديفيد» لمايكل أنجلو الذي سافر من روما ليحط في أرض دبي، لكن «أثر أوغوست بدا حاضراً على أرض إكسبو» من خلال الفنانة أماندا باربر، التي تركت ظلها في المكان، حيث يجاور عملها الفني، جزءاً من سلالم برج إيفيل الفرنسي، والذي كان المعلم الأبرز في إكسبو 1889 في باريس، وبالقرب منهما وقفت منحوتة «الريح 3» للفنان بنكا شونيباري، والتي يسخر فيها الريح ويجمدها في لحظة.