وفيما استمر القلق أمس على الوضع الصحي في روسيا، حيث ارتفع عدد الحالات الجديدة والوفيات بوباء كوفيد-19 إلى مستويات غير مسبوقة؛ كانت الصين أمس بؤرة الاهتمام، بعدما قال مسؤولوها الصحيون إنهم يتوقعون أن تسوء الأزمة الصحية أكثر فأكثر خلال الأيام القادمة. وذكر مسؤول في بكين أمس الأول أن الإصابات الجديدة في الصين جاء بها قادمون من الخارج. وأضاف أن كل الحالات الجديدة هي من سلالة دلتا المتحورة وراثياً. وامتد التفشي الفايروسي الراهن ليشمل 11 محافظة منذ 17 الجاري. وأعلن وقف عمل الحافلات وسيارات الأجرة في مدينة لانجو، عاصمة محافظة غانسو، وكذلك في محافظة مونغوليا الداخلية. وأشارت أنباء إلى أن السلطات في محلية إيجين، في منغوليا الصينية، أمرت سكانها البالغ عددهم 35700 شخص بالبقاء في بيوتهم اعتباراً من أمس (الإثنين). ومنعت سلطات العاصمة الصينية أي شخص قادم من المحافظات الموبوءة من دخول بكين. وأوقفت السلطات جميع رحلات القطارات المخصصة للسياح من بكين إلى محافظات البلاد. ولاحظت بلومبيرغ أمس أن الصين نجحت ثلاث مرات في السابق في الهبوط بالأزمة الصحية إلى مستوى صفري الإصابات خلال الأشهر الخمسة الماضية. بيد أن التفشي الأخير يمثل تحدياً كبيراً لسياسة «صفر كوفيد» التي تنتهجها القيادة الصينية. وأضافت بلومبيرغ أن الفواصل بين اندلاعات التفشي الفايروسي تقلصت من نحو شهرين خلال النصف الثاني من السنة الماضية إلى 12 يوماً فقط منذ مايو 2021، وهو موعد اكتشاف أول إصابة في البلاد بسلالة دلتا المتحورة وراثياً. وخلصت بلومبيرغ إلى أن الوضع الراهن في الصين يمكن وصفه بأنه مواجهة شرسة بين نظام احتواء يعتبر الأشد شمولاً على مستوى العالم، من حيث تضمنّه إغلاق الحدود، وفحص ملايين السكان، وتعقب المخالطين، وفرض قيود صارمة على التنقل وتحركات السكان؛ وبين فايروس أضحى معتاداً على اختراق تلك الدفاعات المصممة لمنع تفشيه. وزادت أن سلالة دلتا أضحت أقوى خصم لآخر حكومة في العالم تتمسك بسياسة «صفر كوفيد».
المحنة الصينية.. أرقام وإنجاز.. فإخفاق
حال فراغ الصين من سحق تفشي حالات كوفيد-19 في مدينة ووهان؛ التي خرج منها فايروس كورونا الجديد في نهاية 2019؛ نعمت الصين بهدنة استغرقت شهرين من دون تسجيل إصابة جديدة. وأتاح ذلك استمرار هدير آليات المصانع الصينية، والإنفاق الاستهلاكي للسكان. ووصل الأمر إلى درجة أن الصين استطاعت أن تكون الدولة الوحيدة التي تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي خلال سنة 2020. بيد أن اعتمادها على الإستراتيجية نفسها لاجتثاث سلالة دلتا المتحورة وراثياً أحال ذلك الإنجاز الصحي السابق إلى متحف التاريخ. فقد أخفقت جميع التدابير الصارمة، من إغلاقات، ووقف للرحلات الجوية، ورحلات القطارات، والفحوص الإجبارية، في صد سلالة دلتا التي استباحت نحو نصف عدد محافظات الصين. وعلى رغم أن سياسة «صفر كوفيد» فشلت فشلاً ذريعاً في أستراليا ونيوزيلندا؛ اللتين اضطرتا إلى التخلي عنها، إلا أن الصين لا تزال هي وحدها المتمسكة بهذه الإستراتيجية. وبلغت المواجهة حداً اضطرت فيه الصين الأسبوع الماضي إلى إغلاق أحد أحياء العاصمة بكين، حيث فرضت على سكانه الخضوع لفحوص طبية. وتمضي المعركة حتى الآن لمصلحة الفايروس المتحور دلتا. وسلّم المسؤولون الصحيون الصينيون بأن الوضع ماضٍ نحو مزيد من التفاقم الصحي خلال الأيام القادمة.