فيما أعلنت وزارة النقل والخدمات اللوجستية أن من تضررت مركبته بسبب الحفر أو المشكلات على الطرق يحق له الحصول على تعويض، والإبلاغ عن المشكلات، ظهرت أسئلة حول مفهوم وآلية التعويض عن الضرر الذي يلحق بشخص سواء كان ضرراً مادياً أو معنوياً، وكيف يمكن جبر هذا الضرر من خلال طلبات التعويض.

وكشفت وزارة النقل أنه في حال تضررت المركبة بسبب حفرة على الطريق ومطالبة مالكها بالتعويض، يتم التواصل مع المرور في حال كان الطريق داخل المدينة، أما إذا كان الطريق خارج المدينة فيتم التواصل مع أمن الطرق، ومن ثَمّ يتم الحصول على تقرير للحادثة، وبعد ذلك يتوجه مالك المركبة إلى مركز التقديرات لتقدير تكلفة أضرار المركبة، ثم يتوجه إلى فرع وزارة النقل التابع له الطريق.

وأفادت «النقل» بأن الطرق التي تقع ضمن مسؤولياتها هي الطرق خارج النطاق العمراني، والطرق الترابية، والطرق الزراعية، فيما لا تقع جميع الطرق تحت مسؤولية وزارة النقل، ومثال ذلك الطرق داخل الأحياء السكنية فإنها تتبع البلدية، وبعض الطرق التي تتبع الهيئة الملكية.

ووفقاً للملف الشامل لبلاغات الطرق التابعة لوزارة النقل والخدمات اللوجستية (اطلعت عليه «عكاظ»)، أتاحت الوزارة إمكانية الإبلاغ عن الملاحظات حول الأعمال الإسفلتية، والعيوب في الإسفلت مثل (الحفر، الهبوط، التشققات، التخددات، الانزلاقات)، مشيرة إلى أن خدمة البلاغات لا تشمل سفلتة الطرق، بل تقتصر على صيانة سطح الإسفلت ومسح الطرق، في حين يجب التوجه إلى فرع وزارة النقل في المنطقة المعنية لطلب سفلتة طريق ترابي ثم طلب المعاملة.

وكان وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح بن ناصر الجاسر دشّن تطبيق مركز الاتصال الموحد 938، لاستقبال بلاغات واستفسارات واقتراحات المواطنين، لكل ما يتعلق بوزارة النقل والخدمات اللوجستية، والهيئة العامة للنقل، والهيئة العامة للموانئ.

وفي هذا الصدد يؤكد المحامي إيهاب أبو ظريفة أن نظام الإجراءات الجزائية منح الحق لمن أصابه ضرر رفع دعوى بطلب التعويض، وأوضح: عندما يقوم شخص ما بفعل غير مشروع يؤدي إلى الإضرار بالآخرين، فإن مسؤوليته التقصيرية تتواجد، ما يجعل له الحق بطلب التعويض، ويشترط حتى يتم الحصول على التعويض أن تتوفر أركان المسؤولية التقصيرية، من فعل ضار وضرر وعلاقة سببية، وعندها تحكم المحكمة بالتعويض الذي تراه مناسباً للمتضرر عبر دعوى تسمى دعوى التعويض، وفق شروط ومفهوم لدعوى التعويض، وشدد على أن التعويض المادي هو حق ومتروك لسلطة القاضي وفق ما يقدم المدعي من بينة وإثباتات ما يثبت حجم الضرر، وتتم على الأغلب مراعاة ظروف الواقعة وحجم ونوع وماهية الضرر والتي تؤخذ بعين الاعتبار في تحديد مبلغ الضرر.

وأكدت المحامية نسرين علي الغامدي أن هناك أسبابا كثيرة تقف خلف ثقافة المطالبة بالتعويض عن الضرر في ما يتعلق بقائدي المركبات جراء مشكلات الطرق، كالمطبات الصناعية والحفريات ونحوهما، وعزت تقاعس البعض إلى جهله بالأنظمة وضعف الثقافة القانونية الواجب توافرها لدى أفراد المجتمع. وأكدت أهمية توثيق خطأ جهة الإدارة وعلاقته المباشرة بالضرر الحاصل له لكي يتمكن المتضرر من إثبات المسؤولية التقصيرية لجهة الإدارة، وما قامت به من تقصير وإهمال لبعض مهماتها ما أدى الى حدوث ذلك الضرر الذي تعرض له صاحب السيارة، لافتة إلى وجود قضايا حكم فيها لصالح المتضررين وتم تعويضهم من قبل مقاول الطريق. وشددت على أهمية اتباع الخطوات التي تسهم في تعزيز الثقافة القانونية من خلال الاطلاع على الأنظمة ذات العلاقة والالتحاق بالدورات القانونية، إضافة إلى متابعة القرارات والتعاميم الصادرة من الجهات الحكومية والاستعانة بالمحامين.

أين مبادرات الوزارات الأخرى ؟

قال الكاتب والروائي وائل عبدالعزيز: تستحق وزارة النقل الشكر على مبادرتها في تعريف الأفراد بحقهم وهي بلا شك مبادرة جيدة وخطوة مهمة في تعريف وتثقيف أصحاب المركبات بحقوقهم، ومن جملة القول مطالبة الوزارات الخدمية على وجه الخصوص بالالتفات الى تعريف الأفراد بحقوقهم من الأضرار التي قد تقع عليهم في أمور تكون الجهة الخدمية سببا في وقوعها كالأضرار الناتجة عن مشكلات الطرق أو انقطاع الكهرباء أو الخدمات البلدية أو الشركات التي تتبع جهات بلدية وتحدث أضرارا مثل سحب المركبات أو شركات المقاولات التي تغلق شوارع فتكون سبباً في تعثر أنشطة تجارية وخلاف ذلك ليكون الفرد على دراية تامة بآلية طلب التعويض عن أي ضرر يلحقه.

وقال الكاتب الصحفي محمد حسن بيومي إن بعض الحوادث تتسبب في خسائر في الممتلكات كالمركبات وقد يكون نتيجة إهمال الطرق والتلفيات التي تحدث للمركبات إلا أن المطالبات بالتعويض من قبل مستخدمي الطرق لم تكن معهودة أو متعارف عليها كثقافة، واعتبر تصريحات وزارة النقل خطوة مشكورة منها في تعريف وتثقيف المجتمع، لافتا إلى أن إجراءات المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي يصيب المركبات تعتبر ثقافة يستقيها المواطن من هذه الجهات وينفذها بمرونة مستدلاً بذلك بالحملات التوعوية التي نفذتها وزارة التجارة والاستثمار في الميادين ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة وكان لها أثر ملموس على أرض الواقع، مشدداً على أن التوعية مطلوبة.

القضاء: أحكام بالتعويض جبراً للضرر

لم تكن أحكام التعويض جديدة على القضاء، إذ رصدت «عكاظ» نماذج لعدد من دعاوى التعويض أمام القضاء العام والإداري، حيث سجلت أروقة القضاء حكما صدر عن محكمة إدارية يلزم وزارة الشؤون البلدية تعويض شركة مقاولات 386 ألفاً قيمة مستحقات متبقية للشركة كانت الوزارة قد حسمتها من الشركة عقب الكشف عن وجود أخطاء نتيجة عدم الدقة في احتساب ما للمدعي وما عليه، حيث قامت الوزارة بإسناد بعض الأعمال المتعثرة الى مقاولين آخرين وحسمت المبلغ من شركة المقاولات.

ورصدت «عكاظ» أحكاماً بالتعويض من بينها ما قضته محكمة سعودية قبل عام بتعويض مواطن بمبلغ 750 ألف ريال بعد أن ثبتت براءته في قضية جنائية كان قد سجن بسببها لأكثر من 12 شهراً، وثبت لاحقاً أنه بريء منها، وصدر حكم نهائي اكتسب القطعية، واستندت المحكمة في حيثيات الحكم على التوجيهات التي تؤكد على كفالة حقوق الأفراد وعدم اتخاذ أي إجراء يمس تلك الحقوق والحريات إلا في الحدود المقررة شرعاً ونظاماً، وصادقت محكمة الاستئناف الإدارية في الرياض على حكم أصدرته محكمة بإلزام شركة طيران بتعويض راكب وأفراد عائلته بمبلغ 60 ألف ريال عقب ثبوت تأخير رحلته مدة 21 ساعة، وألزمت محكمة عمالية أحد البنوك بتعوض مديرة فرع بمبلغ 100 ألف ريال إثر إنهاء البنك خدماتها من دون سبب مشروع.