استقبلت حكومات دول العالم ببرود تجاوز العدد التراكمي لإصاباته بكوفيد-19 حاجز الـ 200 مليون إصابة ليل الثلاثاء (200.31 مليون نهار الأربعاء). وكالعادة فإن أية دولة يشهد تسارع التفشي الوبائي فيها انخفاضاً، ولو طفيفاً، تسارع لرفع القيود الوقائية. وينشغل بعضها بـ «مناعة القطيع»، التي تعني في نهاية المطاف أن يصاب من يصاب، ويموت من يموت، حتى يصبح المجتمع عصياً على الإصابة بالفايروس. لكن تفشي الوباء يتسارع بشكل جنوني حقاً. فقد بلغت جملة الحالات الجديدة خلال يومي 2 و3 أغسطس الجاري أكثر من مليون إصابة جديدة: منها 587221 إصابة جديدة في 2 الجاري، و598146 في 3 الجاري. ومن الملاحظات المهمة أن أكبر عدد منها خلال اليومين المذكورين، كان في الولايات المتحدة؛ إذ سجلت في 2 أغسطس 127976 حالة جديدة. وسجلت 106557 إصابة جديدة في 3 أغسطس. ولذلك كان طبيعياً أن يتزامن تجاوز إصابات العالم 200 مليون إصابة مع ارتفاع العدد التراكمي لإصابات الولايات المتحدة أمس إلى 36 مليون إصابة. وعلى رغم الأنباء المتواترة من أرجاء أمريكا عن امتلاء المشافي بالمصابين، وتزايد الوفيات بالوباء؛ طغى الحديث أمس عن «مناعة القطيع»، بعدما أعلنت الجمعية الأمريكية لمكافحة الأمراض المُعدية أن تفشي سلالة دلتا المتحورة وراثياً دفع بنسبة مناعة القطيع في أمريكا إلى أكثر من 80%، وأنها ربما أخذت تقترب من 90%. وهي أكبر كثيراً مما يراوح بين 60%-70% التي تحدث عنها علماء أمريكا في فترة سابقة. وقال مسؤول الجمعية الأستاذ المساعد بجامعة ألاباما البروفيسور ريتشارد فرانكز: إن ذلك يدل على أن سلالة دلتا تتفشى بسرعة تبلغ ضعف سرعة تفشي السلالة الأصلية للفايروس. وتقوم فكرة مناعة القطيع على أنه حين تصل نسبة إصابة المجتمع إلى درجة معينة بسبب تطعيم السكان، أو اكتسابهم مناعة جراء الإصابة لن يكون بوسع الفايروس التفشي. وعلى النقيض من أمريكا، قالت إندونيسيا أمس إنها قررت النأي عن سياسة مناعة القطيع، بسبب التزايد المخيف في عدد الإصابات بسلالة دلتا. وقال متحدث باسم الوزير المكلف بمكافحة الوباء أمس، إن لدى الحكومة بيانات تؤكد أن اللقاحات أقل قدرة على وقف تفشي دلتا، ما يسمح لهذه السلالة بالاستمرار في التفشي، حتى لو تم تطعيم كل شخص في البلاد. وذكر المتحدث أن إندونيسيا تخطط لمضاعفة جهودها لمكافحة كوفيد-19 بطرق أخرى، وليس التعويل على التطعيم وحده. ويمكن في هذا الجانب استصحاب التقارير المتزايدة عن حدوث ما بات يعرف بـ «الإصابات الاختراقية»، وهي إصابة الأشخاص المحصنين باللقاحات. كما أن ارتفاع نسبة مناعة القطيع في أمريكا إلى أكثر من 80% لا معنى له في أتون الأرقام الكبيرة المشار إليها بالنسبة إلى الإصابات الجديدة المرتفعة. وتعتمد إندونيسيا في تحصين سكانها على لقاح ساينوفارم الصيني، الذي تلقى أمس الأول ضربة كبيرة من دراسة هنغارية، أكدت أنه أخفق في إنتاج عدد كافٍ من الأجسام المضادة لدى ربع المسنين الذين تطوعوا للخضوع له في العاصمة بودابست.

وفي البرازيل حيث يتوقع أن يرتفع العدد التراكمي للإصابات اليوم، أو غداً إلى 20 مليوناً (19.99 مليون إصابة الأربعاء)؛ يتهيأ عدد من الولايات البرازيلية لرفع التدابير الوقائية، بعدما قالت السلطات الصحية إن تسارع التطعيم أدى إلى انخفاض الإصابات الجديدة والوفيات بكوفيد-19. وأعلنت ولاية ساو باولو أمس أنها ستعيد فتح الأعمال التجارية اعتباراً من 17 الجاري؛ فيما قالت ريو دي جانيرو إنها ستزيل كل القيود الصحية بحلول الثاني من سبتمبر القادم.

أما في الصين، فقد تسارع تدهور الأزمة الصحية. وأكدت الحكومة الصينية أمس أن سلالة دلتا غزت 32 محافظة صينية، وما لا يقل عن 46 مدينة كبيرة. ونشرت الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي صوراً للتدافع على شراء المواد التموينية من متاجر مدينة ووهان، التي قررت السلطات إخضاع جميع سكانها، البالغ عددهم 11 مليون نسمة، للفحص. وقالت الحكومة إنها قررت منع السفر بالقطارات من العاصمة بكين أمس إلى 23 منطقة، منها زنزو، ونانجنغ، ويانغجو، وشينيانغ، وداليان. وقررت السلطات إلزام سكان حي هايديان في بكين بالعمل من منازلهم، وخفض الزيارة للحدائق العامة بنسبة 60% من طاقتها الاستيعابية. وأعلنت الصين أنها سجلت 61 إصابة مؤكدة (الثلاثاء)، منها 23 حالة غير مصحوبة بأعراض. وتشمل الإصابات الجديدة العاصمة بكين. وأضافت أن 8 إصابات جديدة رصدت في مدينة ووهان، التي انطلق منها فايروس كوفيد-19 نهاية العام 2019. وأعلنت الصين اكتشاف إصابة في عاصمتها التجارية شنغهاي.

تستهدف

الشباب بتفاقم الأعراض.. والوفاة

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن عدداً كبيراً من المصابين بكوفيد-19 الذين يتم تنويمهم في المستشفيات خلال هذه الأيام هم دون الـ 50 عاماً من أعمارهم. وهو نقيض ما كان عليه الوضع في أتون الموجة الوبائية الأولى السنة الماضية؛ إذ كان معظم المرضى من المسنين. وأضافت أنه لا يعرف سبب تدهور حالات الشبان المصابين الذين يصلون بكثافة إلى أقسام الطوارئ في المشافي الأمريكية. ويلاحظ أن معظمهم غير مطعّمين باللقاحات المضادة لكوفيد-19. كما أن غالبيتهم تراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً. وتبدو عليهم وطأة المرض أكثر من المرضى الشبان خلال السنة الماضية. وذهبت الصحيفة إلى أن معظم الأطباء المعنيون بهذه الحالات يعتقدون بأن سلالة دلتا المتحورة وراثياً هي السبب وراء ذلك، خصوصاً أنها أضحت تمثل نحو 90% من الإصابات الجديدة في الولايات المتحدة.

أعلنت إيران أمس أنها سجلت 37189 إصابة جديدة بكوفيد-19 خلال الساعات الـ 24 الماضية. وذكرت أن هذا العدد هو الأكبر منذ اندلاع نازلة كورونا قبل أكثر من عام. وأضافت أنها قيدت 411 وفاة بالوباء خلال الساعات الماضية. وهو أكبر عدد من الوفيات منذ 28 أبريل الماضي. ويقترب العدد التراكمي لإصابات إيران من 4 ملايين إصابة (3.98 مليون إصابة الأربعاء). كما يقترب العدد الإجمالي لوفياتها بالوباء من 100 ألف وفاة (91407 وفيات حتى أمس الأربعاء).