«مناعة القطيع». «كوفيد المزمن».. «التأقلم مع الوباء». «دلتا».. و«لامبادا» أيضاً. الانقسام بات عنوان المرحلة الراهنة في بريطانيا. فقد قررت الحكومة برئاسة زعيم المحافظين بوريس جونسون أن تمضي قدماً في إزالة جميع التدابير الوقائية لمكافحة فايروس كورونا الجديد، بحلول 19 يوليو الجاري. وتوسعت الانقسامات في صفوف العلماء، خصوصاً علماء الحكومة نفسها. فقد أعلن مكتب الإحصاءات الوطنية أمس أن إنجلترا وويلز، شهدتا خلال 2020، في أتون الهجمة الوبائية التي شهدتها المملكة المتحدة، عدداً من الوفيات أكبر من أي وقت مضى منذ وباء الإنفلونزا الإسبانية في 1919. كما أنها شهدت خلال 2020 عدداً من الوفيات أكثر من المواليد منذ سبعينات القرن الـ20. وأشار المكتب إلى أن 2020 شهدت 607.922 وفاة في إنجلترا وويلز، منها 72.950 وفاة نجمت عن الإصابة بكوفيد-19. وحذر كبير أطباء بريطانيا البروفيسور كريس ويتي أمس من أن بريطانيا لن تعود إلى حياتها المعتادة حتى الربيع القادم في أقل تقدير. وأضاف أن بعض القيود الوقائية قد يعاد فرضها في وقت لاحق، إذا ما واجهت مستشفيات إنجلترا شتاء صعباً. وقال إنه سيصاب بالدهشة إذا أمكنت العودة للحياة السابقة لاستشراء الوباء قبيل الربيع القادم. وأشار إلى أن عدد الإصابات وحالات التنويم بالمشافي سيرتفع مع حلول الشتاء، بسبب رفع القيود الصحية اعتباراً من 19 الجاري.

وبالفعل، أشارت أرقام وزارة الصحة البريطانية أمس إلى ارتفاع عدد حالات التنويم أمس إلى 406 حالات في اليوم؛ بارتفاع نسبته 50% عن الأسبوع الماضي، وهو العدد الأكبر منذ ثلاثة أشهر. كما أن عدد الإصابات الجديدة حقق قفزة كبيرة خلال الساعات الـ24 الماضية؛ إذ تم تسجيل 28.773 حالة جديدة الثلاثاء، بارتفاع عن الثلاثاء الماضي نسبته 49%. وكان وزير الصحة ساجد جاويد أقر أمام البرلمان قبل يومين بأن عدد الإصابات الجديدة قد يرتفع إلى 100 ألف يومياً بحلول أغسطس القادم. كما قيدت بريطانيا 37 وفاة بالوباء الثلاثاء. ويقول خبراء صحيون إنه إذا حدث الارتفاع بالطريقة التي توقعها الوزير جاويد فقد تقع 100 وفاة يومياً في البلاد.

غير أنه في مقابل ذلك تواصل تقدم عمليات التطعيم؛ إذ ارتفع عدد البالغين الذين تم تطعيمهم حتى الإثنين إلى 45.4 مليون نسمة، يمثلون نحو 86.2% من السكان. وطفت للسطح مرة أخرى أمس عبارة «مناعة القطيع»، التي كانت أصابت المشهد السياسي والصحي بالتسمم الحاد عند اندلاع النازلة الوبائية مطلع السنة الماضية. فقد أعرب عدد من الوزراء في حكومة جونسون أمس عن أملهم بأن يتحقق قدر من «مناعة القطيع» خلال الأسابيع القادمة، ليحول دون ارتفاع كبير في الإصابات الجديدة وسط الشباب. ولم تقر الحكومة البريطانية حتى اليوم بأنها تسعى إلى تحقيق «مناعة القطيع». وبعد اتهامات وانتقادات جمة لتباطؤها في مكافحة الجائحة مطلع السنة الماضية، قررت الحكومة منع مسؤوليها من استخدام هذه العبارة في أي مناقشات داخلية. وقال متحدث باسم جونسون أمس إن «مناعة القطيع» ليست هدفاً لأية سياسة حكومية.

وعلى صعيد آخر؛ فيما قفز العدد التراكمي للإصابات العالمية إلى 185.39 مليون نسمة أمس، وعدد وفيات العالم إلى أكثر من 4 ملايين وفاة؛ تقدمت بنغلاديش جارتها باكستان في البؤس، من حيثُ عددُ الإصابات أمس. فقد قفزت بنغلاديش من المرتبة الـ30 عالمياً أمس بتسجيل 966.406 إصابات، وتراجعت باكستان إلى المرتبة الـ30 عالمياً، بـ 966.007 إصابات. ويبدو واضحاً أن البلدين المتجاورين سينضمان قريباً إلى مجموعة الدول الموبوءة بأكثر من مليون إصابة. وسجلت روسيا (الثلاثاء) 23378 إصابة جديدة، و737 وفاة بالفايروس. وأكد الكرملين أمس أنه ليست ثمة خططٌ لإعادة فرض الإغلاق. وفي أستراليا، قررت السلطات تمديد إغلاق مدينة سيدني أمس (الأربعاء) أسبوعاً آخر، في أتون تسجيل عدد من الحالات الجديدة. وفي جنوب أفريقيا، قالت الحكومة إن سلالة دلتا الهندية توشك على الهيمنة على المشهد الصحي في محافظة الكيب الغربية. وأعلنت كوريا الجنوبية أمس تسجيل 1212 إصابة جديدة الثلاثاء في العاصمة سول، هو العدد الأكبر منذ سبعة أشهر.

فيما تواجه البلاد تسارع تفشي الفايروس، أعلنت حكومة تايوان أمس أنها تعتزم تحويل إحدى قاعات مطار بانكوك الدولي لتكون مستشفى مؤقتاً، وسيشمل المستشفى المؤقت وحدة عناية مكثفة، وقسماً لرعاية المصابين بحالات بين الخفيفة والمتوسطة. وتقول السلطات إن سلالة دلتا الهندية ستهيمن على المشهد الصحي مطلع أغسطس القادم. وأضافت أنها تتوقع أن يرتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 10 آلاف يومياً اعتباراً من الأسبوع القادم.

26 % من إصابات أمريكا سببها «دلتا»

كشف تحليل من علماء جامعة جونز هوبكنز أمس، أن الولايات المتحدة تشهد تسارعاً في التفشي الفايروسي، خصوصاً جنوب وغرب أمريكا، حيث تم الإبلاغ عن عدد متزايد من حالات التنويم بالمشافي. وقال مسؤولون صحيون لصحيفة «يو اس ايه توداى» أمس إن عدد الإصابات بسلالة دلتا الهندية يمثل حالياً نحو 26% من الحالات الجديدة، بل يمثل ثلاثة أرباع الإصابات الجديدة في بعض الولايات الأمريكية. وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن (الثلاثاء) أنه قرر تكليف المسؤولين الصحيين بطرق أبواب المنازل لتوعية السكان بأهمية التطعيم باللقاحات المضادة لكوفيد-19.