أرقام جائحة فايروس كورونا الجديد لا تكذب، ولا تتجمل. إنها تفضح الحقيقة… الواقع. للجميع الحق في التفاؤل، وتوقع تطورات إلى الأحسن صحياً. لكن ما يقوله الواقع، ومن خلال الأرقام، ينبغي له أن يكون هو الهادي والمرشد إلى الحلول الممكنة. فقد ارتفع عدد الإصابات التراكمي حول العالم فجر اليوم (الثلاثاء) إلى 177 مليون نسمة. ومن المحزن أن عدد من توفوا بتلك الإصابات ارتفع أمس إلى 3.82 مليون شخص. ويعني ذلك أن العالم يوشك على صدمة بلوغ 3 ملايين وفاة منذ اندلاع نازلة كورونا نهاية 2019. وتجاوز عدد وفيات الولايات المتحدة 600 ألف وفاة، على رغم انخفاض عدد الإصابات الجديدة والوفيات في معظم أرجاء المعمورة خلال الآونة الأخيرة. ويتواصل في الهند ارتفاع عدد الوفيات، الذي بلغ أمس 374.365 وفاة. كما أن البرازيل تقترب من قيد 500 ألف وفاة بهذا الوباء؛ إذ ارتفع عدد وفياتها أمس إلى 487.476 وفاة.

وأبدت معظم الدول المنكوبة بالإصابات والوفيات وقلة الحيلة اهتماماً وتوقعات كبيرة من لقاء قادة الدول السبع الصناعية الكبرى في بريطانيا أخيراً. وعلى رغم إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس وزراء بريطانيا، وقادة آخرين التبرع بمليار جرعة من لقاحات كوفيد-19، للبلدان النامية والمحدودة المداخيل؛ إلا أن المليار جرعة لا تعني شيئاً بالنسبة إلى حاجة 7 مليارات من البشر الذين يعمرون كوكب الأرض، وغالبيتهم فقراء. كما أن التعهد الذي أعلن خلال قمة كورونوال البريطانية (الأحد) هو في حقيقته أقل من مليار جرعة؛ إذ يشمل 500 مليون جرعة تعهد بايدن بتقديمها، و100 مليون جرعة تعهد رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون بأن تقدمها بلاده؛ و150 مليون جرعة تمثل تعهدات معلنة قبل انعقاد القمة؛ ليصل إجمالي ما تعهدت به قمة كورونوال فعلياً إلى 750 مليون جرعة فقط. ويجمع الخبراء على أنه يتعين تحقيق مناعة المجتمع العالمي بتطعيم ما لا يقل عن 60% من سكان الكوكب. ويعني ذلك أن التوصل إلى ذلك الهدف سيتطلب مليارات الجرعات من اللقاحات. وربما كانت قمة كورونوال ستلبي طموحات كثيرين لو أقرت إلزام الشركات الصانعة للقاحات بالتنازل عن حقوق ملكيتها الفكرية لتلك اللقاحات، بحيث يتسنى تصنيعها بتكلفة منخفضة في العالم الثالث. وهو مشروع وقف وراءه بايدن بقوة. لكن معارضة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل له لم تتح إمكان إحراز أي تقدم فيه. ولاحظ المراقبون أن بيان قمة كورونوال تعهد فقط بـ«مساندة التصنيع في البلدان المنخفضة المداخيل». لكنه لم يحدد كيف سيتم ذلك. وأشار البيان إلى «أهمية حقوق الملكية الفكرية»، و«التأثير الإيجابي» للسماح الطوعي بمنح تراخيص للتنازل عنها. ومن الواضح أن هاتين الجملتين تعكسان وجهتي نظر الدول التي تعارض تقديم تنازلات عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات المضادة لكوفيد-19. ومهما يكن فإن من شأن تعهدات قمة كورونوال أن تكون مساهمة إيجابية في السبيل إلى دحر نازلة كورونا في أرجاء العالم. وفي سياق ذي صلة، أعلنت جنوب أفريقيا أمس أنها ستتخلص من مليوني جرعة من لقاح شركة جونسون آند جونسون؛ بعدما أعلنت الهيئات الرقابية الأمريكية أن الكميات التي أنتجت من هذا اللقاح في مختبر بمدينة لتيمور ملوثة. ويأتي ذلك فيما تواجه جنوب أفريقيا الموجة الثالثة من هجمة الجائحة. وقال الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، إن شركة آسبن فارماكير ستبدأ تصنيع لقاح شركة جونسون آند جونسون خلال أيام؛ ما يخفف من نقص اللقاحات.

قرر القاضي الجزئي الأمريكية لين هيوز شطب دعوى تقدمت بها الممرضة جينيفر بريدجز، نيابة عن 117 ممرضاً، ضد مستشفى ميثوديست بمدينة هيوستن، لأنه اشترط عليهم الخضوع للقاحات المضادة لكوفيد-19 إذا رغبوا في الاستمرار في وظائفهم بالمستشفى. ووصفت بريدجز في دعواها قرار المستشفى بأنه تعسفي، وخطير لأن اللقاحات ضد كوفيد-19 «تجريبية». وشبّهت ذلك بالتجارب الطبية التي أرغمت ألمانيا النازية المحتجزين في معسكرات الاعتقال على إجرائها، إبان ما عرف بـ«الهولوكوست». وقال القاضي هيوز إن تلك النعوت «كاذبة، ولا معنى لها». وكان مستشفى ميثوديست بهيوستن أوقف 178 من كوادره الصحية عن العمل الأسبوع الماضي، لأنهم رفضوا الخضوع للتطعيم. واعتبر القاضي أن مستشفى ميثوديست إنما سعى إلى الحفاظ على أرواح مرضاه من كوفيد-19، وهو أمر يتطلب سلامة الموظفين، والمرضى، وذويهم.