تواصل تضاؤل حظوظ مرض كوفيد-19 من المتابعة الصحفية في بريطانيا والولايات المتحدة؛ على رغم أنه لم يكن لدى الصحف والشبكات التلفزيونية والإذاعية ما أشغلها بلا انقطاع منذ مارس 2020، سوى كوفيد-19. هل انتهى الوباء العالمي؟ هل انحسر خطر الوباء في بريطانيا وأمريكا؟ الإجابة تعتمد على النظرة إلى النصف المملوء أو الفارغ من الكوب! فما تتمسك به السلطات يفيد بأن كوفيد-19 أضحى خطراً ثانوياً. وبالنسبة إلى بريطانيا لم يبقَ سوى أقل من 10 ملايين نسمة سيتم تطعيمهم خلال أسابيع، وبعد ذلك ستمدّ الحكومة لسانها لجائحة فايروس كورونا الجديد! لكن ما تقوله الأرقام، وهي النظرة الأخرى إلى الكوب، يشي بغير ذلك. فقد ارتفع فجر أمس (الأربعاء) العدد التراكمي للإصابات بالفايروس في العالم إلى 168 مليون نسمة. وواكبت ذلك طفرة في عدد الوفيات الناجمة عن تلك الإصابات، إذ ارتفع إلى 3.49 مليون وفاة. ولا شك بأن ارتفاعه خلال أيام إلى 3.5 مليون وفاة سيكون فاجعة أخرى، تعقب سلسلة من الفواجع منذ اندلاع نازلة كورونا العام الماضي.

ومع انهماك الولايات المتحدة في تلمس سبل العودة إلى الحياة الطبيعية، من تحلل من قيد ارتداء الكمامات، واستثناء المحصنين باللقاحات من الخضوع للفحص؛ إلا أن الفايروس بقي موجوداً، وينتاش ما لا يقل عن 30 ألف أمريكي في اليوم. وتستعد الولايات المتحدة لبلوغ محطة مهمة في أزمتها الوبائية بارتفاع العدد الكلي لمصابيها خلال أيام إلى 34 مليون نسمة (33.92 مليون إصابة أمس). وبلغ عدد وفيات أمريكا بالوباء أمس 604.416 وفاة. وفي البرازيل -الأشد تضرراً من الوباء في أمريكا اللاتينية، الثالثة عالمياً من ناحية كثرة الإصابات، والثانية عالمياً من حيث كثرة الوفيات بالوباء- تقدم الرئيس جاير بولسنارو أمس آلافاً من مؤيديه في موكب على متن دراجاتهم النارية، في ريو دي جانيرو، تعبيراً عن احتجاجهم على التدابير الوقائية المشددة التي فرضتها السلطات الصحية في غالبية مقاطعات البلاد. وعلى رغم أن البرازيل رزئت بـ16.12 مليون إصابة، و450.026 وفاة منذ بدء الجائحة؛ فإن بولسنارو يحلم بأن يخرج البرازيليون زرافات ووحداناً ليعيدوا انتخابه رئيساً لبلادهم!

وبقيت الهند في عين العاصفة الوبائية أمس. ومشكلة هذه البلاد الشاسعة المأهولة أن أزمتها الوبائية أضحت مثل قنبلة عنقودية تنفجر لتتشظى إلى انفجارات عدة، تصيب عدداً أكبر من الضحايا. فعلى رغم أنه يبدو واضحاً أن أزمة التفشي الفايروسي آخذة في «تسطيح المنحنى»، كما يقول علماء الإحصاءات الوبائية؛ فإن استمرار ارتفاع عدد وفيات البلاد غير باعث للاطمئنان في أنفس المسؤولين والخبراء الهنود. وأعلنت وزارة الصحة الاتحادية أمس (الثلاثاء) أنها سجلت 196.427 إصابة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية؛ وهو العدد الأدنى منذ 14 إبريل الماضي. بيد أن عدد الوفيات التي تم قيدها خلال الساعات الـ24 الماضية بلغ 3511 وفاة. وأشارت بيانات وزارة الصحة الهندية أمس الى أن الأيام الـ13 الماضية شهدت قيد 50 ألف وفاة. ويذكر أن الهند قيدت الأربعاء الماضي 4529 وفاة بكوفيد-19. وهو أكبر عدد للوفيات في أي بلد في العالم منذ اندلاع نازلة فايروس كوفيد-19.

واستمرت السلالة الهندية المتحورة من فايروس كورونا الجديد في ترويع بريطانيا. فقد أعلنت السلطات الإنجليزية أمس أن عدد حالات التنويم في الأماكن المنكوبة بتفشي هذه السلالة تضاعف ثلاث مرات خلال أقل من أسبوعين؛ خصوصاً في بلدة بولتون القريبة من مانشستر الكبرى. وذكرت الصحف البريطانية أمس أن عدد المنومين بهذه السلالة في مستشفى بلدة بولتون بلغ أمس 43 شخصاً.

كتبت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس أنها حصلت على أوراق رسمية تشير إلى أن نحو 9 آلاف بريطاني توفوا بعد إصابتهم بمرض كوفيد-19، أثناء تلقيهم الرعاية الصحية في مشافٍ حكومية من أمراض أخرى. وأضافت أن بيانات الخدمة الصحية الوطنية أكدت أن 32.307 مرضى أصيبوا بالفايروس أثناء تلقيهم الرعاية الصحية في مستشفيات في إنجلترا منذ مارس 2020. وقد توفي منهم 8747 شخصاً. وكانت مستشفيات جامعة بيرمنغهام الأشد تضرراً، إذ توفي 408 من نزلائها بتلك الطؤيقة. وتلتها المستشفيات التابعة لجامعة نونتغهام (279 مريضاً). وقال وزير الصحة البريطاني السابق جيريمي هنت أمس إن إصابة المرضى ووفاتهم بكوفيد-19 في المستشفيات الحكومية هي إحدى «الفضائح المسكوت عنها» خلال هذه الأزمة الصحية. ورد قادة مرافق الخدمة الصحية الوطنية بالقول إن عدم توفير عدد كافٍ من أجهزة الفحص، والنقص المريع في أزياء الحماية الشخصية في مستهل الجائحة جعلا تفادي تلك الوفيات والإصابات أمراً مستحيلاً. وأضافوا أنه لم يتوافر لهم خلال تلك الفترة المبكرة من الأزمة الصحية الفهم المطلوب لخطورة انتشار الإصابة غير المصحوبة بأعراض في عنابر المرضى.